بصمتي في الحياة
منتدى المعلم علي المحمد برحب بك
أهلا وسهلا تفضل وسجل اذا احببت ان تستفيد

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بصمتي في الحياة
منتدى المعلم علي المحمد برحب بك
أهلا وسهلا تفضل وسجل اذا احببت ان تستفيد
بصمتي في الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
الأستاذ علي المحمد
الأستاذ علي المحمد
Admin
المساهمات : 131
تاريخ التسجيل : 09/01/2009
العمر : 36
الموقع : f/alialmuhammadd
https://aliali.rigala.net

شرح الحكمة الموفية تمام الأربعين بعد المائة Empty شرح الحكمة الموفية تمام الأربعين بعد المائة

2009-08-13, 3:32 pm
الحكمة الموفية تمام الأربعين بعد المائة
(( المؤمن إذا مدح استحيا من الله إن يّثنى عليه بوصف لا يشهده من نفسه))
المراد هنا بالمؤمن من كان إيمانه بالله هو القائد له في حياته وسلوكه، لا الذي يصدق عليه في الحكم القضائي انه مؤمن.
فهذا المؤمن الذي يعنيه ابن عطاء الله، يرى الفضل في كل مكرمة يتصف بها أو طاعة يتقرب بها إلى الله ، عائدا إلى من هو مصدر كل نعمة وإلى من بيده كل مكرمة وتوفيق ، ألا وهو الله المنعم المتفضل جل جلاله . ولا ينسب ذلك كله إلى نفسه إلا الشعور بثقل المنة الإلهية عليه.
فإذا تلقى هذا المؤمن مدحا من زيد من الناس له، وعاد بهذا الذي مّدِحَ به إلى نفسه وواقع حاله ، فهو إما أن يرى الوصف الذي مُدح به موجودا ً لديه مطابقا لواقع حاله ، وإما أن يرى نفسه عارية عما وُصفت به فقيرة إلى هذا الذي نسب إليها.
ففي الحالة الأولى لابد أن يستبدّ به الخجل والحياء من الله تعالى، إذ مدحه المادحون بشيء تفضل الله به عليه دون أن يكون له في ذلك سعي ولا جهد ولا حول ولا قوة ، فهو يرى نفسه أشبه ما يكون بفقير لا يملك شيئا، أعطاه احد الأغنياء مالا وكلفه أن ينوب عنه فيقيم به وليمة يدعو إليها أمثاله من المحتاجين ، فأثنوا عليه بذلك ومدحوه بالسخاء والكرم والبذل ، جاهلين الحقيقة. والغني الذي أعطاه المال، وكلفه بهذا الذي قام به ، يسمع مدحهم له وشكرهم على بذله وإكرامه . إن مما لا ريب فيه ان مشاعر الحياء تتلبس هذا الفقير المسكين من فرقه إلى قدمه. إذ يرى نفسه ممدوحا بما ليس له أي فضل فيه ويعلم أن الذي يستحق كل ذلك الثناء والحمد إنما هو ذلك الذي أعطاه المال وكلفه بالدعوة والإطعام .
فهذا شان المؤمن الصادق في إيمانه ، إذ يمدحه المادحون بما يعلم ان المتفضل عليه بذلك هو الله .. هذا في الحالة الأولى.
أما في الحالة الثانية ، وهي أن ينظر هذا الممدوح فيجد أن واقع حاله وخفيّ أمره على نقيض ما يظنه المادحون ، فلا بد أن يكون حياؤه من الله أشد ز إذ هو يعلم أنه مُبتلى بنقيض ما يمدحونه به، ولكن الله تفضل عليه فستر عن الناس هذا الذي ابتلى به، فغابت عنهم حقيقة أمره ، وخفيت عنهم نقائصه وعيوبه، فلم يجدوا في ظاهر حاله إلا نقيض تلك النقائص والعيوب التي يعاني منها . فكيف لا يشتد حياؤه من الله تعالى إذ يمدحه الناس وقد كان الأحرى به أن يُذمّ، وهو يعلم أن الله يراقبه ويعلم خفايا أمره وحقيقة حاله؟
إذن فالمؤمن الحق يرى في الحالتين انه ليس أهلا للمدح او الثناء ، إذ إن الفضائل التي يمدح بها لسببها إما أن تكون مفقودة في الحقيقة ، وإنما ستر الله سوء حاله عن الناس فأثنوا عليه لما حسبوه أنه موجود فيه ، وإنما أن تكون موجودة ولكن المتفضل عليه بها إنما هو الله عز وجلّ، فليس في تمتعه بها جهد ولا حول ولا قوة ، فهو في كِلا الحالتين يشعر بالخجل والحياء من الله عز وجل.
أما الذي يمدحه الناس فيزهى بمدحهم له، فهو غير مؤمن بالله حق الإيمان ، إذ لو آمن به لعلم أن المتفضل عليه في كل شيء هو اللـه، وأن لا حول ولا قوة له إلّا به, ولعَلم أن الناس إن كانوا محجوبين عن معرفة حقيقة حاله وخفايا أمره ، فإن الله يرى خفاياه هذه ، وصدق الله القائل : { وأسِرُّوا قولَكُمْ أوِ اجهَرُوا بهِِ إنّهُ عليمٌ بِذاتِ الصّدُورِ* ألا يعلمُ مَن خلَقَ وهُوَ اللّطيفُ الخبيرُ } [ الملك:67/13-14] ، ففيم يُزهى إذن بشيء إن وجد ليس هو مالكه ، وإن فقد فهو ليس أهلا لما مُدح من أجله، غير أن غيابه عن معرفة الله ومراقبته ، يغريه بتصديق ما يقال عنه ، ويحمله على التشبع بما ليس فيه ، وأنّى له – وهو تائه عن مراقبة الله – أن يتوجس خيفة من أن يحيق به قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المتشبع بما ليس فيه ، كلابس ثوبي زور )؟ (1)
وحسبنا هذا في شرح هذه الحكمة ، إذ هي من ذيول أو تتمة الحكمة اتي قبلها.
(1) الحديث متفق عليه من حديث أسماء ، ومن حديث عائشة رضي الله عنهما ، وفي كثير من الروايات : ((المتشبع بما لم يُعط...)) .

------- المصدر للرجوع إليه-----
من كتاب ** الحكم العطائية شرح وتحليل ** الجزء الرابع * للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله ، الصفحات 23-24-25 * ط1 / 2003 – دار الفكر ، دمشق.


الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى